من هو عثمان غازي
عثمان غازي , أَبُو المُلُوك السُّلطان الغازي فخرُ الدين قرهعُثمان خان الأوَّل بن أرطُغرُل بن سُليمان شاه القايوي التُركماني (بالتُركيَّة العُثمانيَّة: أبو المُلوك غازى سُلطان عُثمان خان أول بن ارطُغرُل؛ وبالتُركيَّة المُعاصرة: Sultan Osman Gazi Han ben Ertuğrul)، ويُعرف كذلك باسم عُثمان بك (بالتُركيَّة المُعاصرة: Osman Bey) وقرهعُثمان (بالتُركيَّة المُعاصرة: Kara Osman)؛ هو زعيم عشيرة قايى التُركيَّة وعامل سلاجقة الروم على إحدى إمارات الثُغور الأناضوليَّة ومُؤسس السُلالة العُثمانيَّة التي حكمت البلقان والأناضول والمشرق العربي وشمال أفريقيا طيلة 600 عام إلى أن انقضى أجلها مع إعلان قيام الجُمهوريَّة التُركيَّة سنة 1922م.
تاريخ ميلاد عثمان غازي مؤسس الدولة العثمانية
وُلد عُثمان الأوَّل سنة 656هـ المُوافقة لِسنة 1258م، للأمير أرطُغرُل الغازي، عامل سلاجقة الروم على إحدى الثُغور المُطلَّة على بحر مرمرة، وحليمة خاتون. وصُودف أن يُولد في ذات اليوم الذي غزا خلاله المغول مدينة بغداد عاصمة الدولة العبَّاسيَّة وحاضرة الخِلافة الإسلاميَّة، الأمر الذي جعل المُؤرخين العُثمانيين اللاحقين يربطون بين الحدثين بِطريقةٍ دراماتيكيَّة. تولّى عُثمان شؤون الإمارة وزعامة العشيرة بعد وفاة والده، فأخلص الولاء للسلطنة السُلجوقيَّة الروميَّة على الرُغم مما كانت تتخبَّط فيه من اضطراب وما كان يتهدَّدها من أخطار. وفي سنة 1295م شرع عُثمان بمُهاجمة الثُغور البيزنطيَّة باسم السُلطان السُلجوقي والخليفة العبَّاسي، ففتح عدَّة حُصون وقاد عشيرته إلى سواحل بحر مرمرة والبحر الأسود. وحين تغلَّب المغول على سلاجقة الروم وقضوا على دولتهم، سارع عُثمان إلى إعلان استقلاله عن السلاجقة، فكان بذلك المُؤسس الحقيقي لِدولةٍ تُركيَّةٍ كُبرى نُسبت إليه فيما بعد، فعُرفت «بالعُثمانيَّة». وظلَّ عُثمان يحكم الدولة الجديدة بصفته سُلطانًا مُستقلًّا حتَّى سنة 1326م. وفي هذه السنة فتح ابنه أورخان مدينة بورصة الواقعة على مقرُبة من بحر مرمرة، وكان عُثمان في هذه الفترة قد مرُض مرض الموت، وما لبث أن تُوفي، فنُقل جُثمانه إلى بورصة ودُفن فيها، الأمر الذي جعل للمدينة رمزيَّة كبيرة عند العُثمانيين لاحقًا. أمَّا خُلفائه وذُريَّته فقد تابعوا الحملات التي بدأ فيها حتَّى أواسط القرن السَّابع عشر الميلاديّ، مُحولين الإمارة التي وضع أُسسها إلى إمبراطوريَّة عالميَّة.
رُغم شُيوع لقب «السُلطان» أو «الپادشاه» والتصاقه بعُثمان الأوَّل إلَّا أنَّه لم يكن سُلطانًا فعليًّا في زمانه، وإنما لُقب بذلك لاحقًا لاعتباره مُؤسس سُلالة السلاطين العُثمانيين. اشتهر عُثمان الأوَّل ببساطة العيش والملبس لِتأثره بِمُعتقدات الدراويش الصوفيَّة، وكان بعيدًا عن الترف والبذخ، فحافظ على نمط حياته كشيخٍ لِعشيرة قايى، وحافظ على التقاليد التُركيَّة القديمة التي تحكم العلاقة بين الشيخ وأفراد العشيرة، وهي تقاليد سابقة على الإسلام لم يهجرها التُرك لِعدم تعارضها مع تعاليم الشريعة الإسلاميَّة.
تأسيس الدولة العثمانية
تنص المصادر العُثمانيَّة على قصَّةٍ حدثت في بداية عهد عُثمان، علَّق عليها المُؤرخون المُسلمون قديمًا (وخُصوصًا الأتراك) الكثير من الأهميَّة لِرمزيَّتها. على أنَّ المُؤرخين المُعاصرين يتفقون على أنَّ هذه القصة ليست أكثر من وسيلة لِتعليل ظُهور وتقدُّم الدولة العُثمانيَّة وإحاطة هذا بهالةٍ روحانيَّة، لا سيَّما وأنَّ خُلفاء عُثمان حققوا الكثير من المُنجزات الهامَّة، فتمكنوا من توحيد البلاد الإسلاميَّة بعد قُرونٍ من تمزّقها، وأعادوا إحياء الخلافة الفعليَّة بعد أن أصبحت خلافة صُوريَّة تحت حماية سلاطين المماليك بِمصر مُنذ أن قتل المغول المستعصم بالله آخر خُلفاء بني العبَّاس في بغداد، وحققوا ما لم تقدر عليه أيَّة سُلالة إسلاميَّة أُخرى، ألا وهو فتح القُسطنطينيَّة وتخطوها إلى أوروپَّا الشرقيَّة. أضف إلى ذلك المُصادفة حيثُ تختصر تلك القصة أحداث قرنين من حياة الدولة العُثمانيَّة قبل أن تقع.
نصيحة الشيخ «إده بالي» إلى عُثمان الأوَّل، منقوشة على حجرٍ رُخاميّ.
أمَّا تفاصيل هذه القصة، فتُفيد أنَّ عُثمان كان يبيتُ في تكيَّة مُعلِّمه الشيخ «إده بالي»، كما اعتاد أن يفعل مُنذ صغره، ليتقرّب من الشيخ سالِف الذِكر وينتفع بعلمه. وفي إحدى المرَّات رأى مُصادفةً «مال خاتون» ابنة الشيخ المذكور، فتعلَّق بها ورغب أن يتزوَّجها، ولكنَّ والدها أبى أن يُزوجها له. فحزن عُثمان لِذلك وأظهر الصبر والجَلَد ولم يرغب الاقتران بغيرها حتَّى قبل أبوها بعد أن قصَّ عليه عُثمان منامًا رآه ذات ليلة، وهو أنَّهُ رأى الهلال صعد من صدر هذا الشيخ وبعد أن صار بدرًا نزل في صدره (أي في صدر عُثمان)، ثُمَّ خرجت من صُلبه شجرة كالسراي نمت في الحال حتَّى غطَّت العالم بِظلِّها، واستقرَّت جبالٌ ثلاثة تحتها، وخرجت أنهارُ النيل ودجلة والفُرات والطونة (الدانوب) من جذعها، ورأى ورق هذه الشجرة كالسُيوف والرماح يُحوِّلُها الريح نحو مدينة القُسطنطينيَّة. وتحت الأغصان وقف صبيانٌ نصارى شُقر وعلى رؤوسهم تُل أبيض ينشدون الشهادة يتبعها عهد الولاء للسُطان. وكان الخلق من حول هؤلاء الصبيان بلا عدد على شُطوط الأنهار وفي خلجانها، يشربون ويزرعون ويصطنعون الفساقي. وكانوا يتوالدون والخير يورف في ديارهم، دونما يكف الصبيان عن الاستظلال بغصون الشجرة والإنشاد. فتفائل الشيخ من هذا المنام وأظهر سُروره الكبير وقبل تزويج ابنته إلى عُثمان، وبشَّره بأن أسرته ونسله سوف يحكمون العالم، وقال له واصفًا ما يكون عليه الحاكم الصالحاقرأ ايضا :
مسلسل المؤسس عثمان
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 100 مترجمة للعربية hd